حكاية:
كان أبو علي بن إلياس إسفهسلار نيسابور فحضر يوماً عند الشيخ أبي علي الدقاق رحمه الله وكان زاهداً زمانه، وعالم أوانه. فقعد على ركبتيه، بين يديه، وقال له: عظني. فقال له أبو علي: أيها الأمير، أسألك مسألة وأريد الجواب عنها بغير نفاق. فقال: أجل أجيبك. فقال: أيها الأمير أيما أحب إليك المال أو العدو? فقال: المال أحب إليّ من العدو. فقال: كيف تترك ما تحبه بعدك وتصطحب العدو الذي لا تحبه معك? فبكى الأمير ودمعت عيناه وقال: نعم الموعظة هذه. وجميع الوصايا والحكم تحت هذا الكلام.
والخالق سبحانه وتعالى أرسل نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم أخيراً حتى عادت ببركته دار الكفر دار الإيمان، وأظهره في أسعد وقت وأوان، وعمر الدنيا بشريعته، وختم الأنبياء بنبوّته.
وكان الملك في ذلك الزمان كسرى أنو شروان. وهو الذي فاق ملوك إيران، بعدله ونصفته، وتدبيره وسياسته، وذلك جميعه ببركات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه ولد في زمانه، ووجد في أوانه. وعاش أنو شروان بعد مولده صلى الله عليه وسلم سنتين، والنبي صلى الله عليه وسلم افتخر بأيامه فقال: ولدت في زمن الملك العادل كسرى والإسم الجيد خير الأشياء. والملوك الذين كانوا قبله كانت همتهم في عمارة الدنيا والعدل بين الرعية وحفظ الجسم بالسياسة وحسن الإنالة وآثار عمارتهم التي أثروها إلى اليوم ظاهرة في العالم وكل بلد يعرف بإسم ملكه لأنهم عمروا المواضع، وبنوا الضياع والمزارع، واستخرجوا القنوات والمصانع واظهروا ما كان خافياً من مياه العيون وجميع ما ذكرناه كان أنو شروان يعمره بعدله وإنصافه، مع تجنبه الإسراف في عفافه.
No comments:
Post a Comment